ـ ولقد حاول أحمد بن حنبل أن يذكّر بأشياء من حقّ عليّ عليهالسلام الذي غيّبته مدارس ثقافية كافحت في هذا السبيل نحو قرنين من الزمن..
قال أحمد بن حنبل : ما لأحدٍ من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعليّ رضياللهعنه (١).
وقال : عليٌّ من أهل بيتٍ لا يقاسُ بهم أحد ! (٢)
وسُئل يوماً : ما تقول في هذا الحديث الذي يروي ، أنّ عليّاً قال : « أنا قسيم النار » ؟ فقال : وما تُنكرون من ذا ؟ أليس روينا أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعليّ : « لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق » ؟.. قالوا : بلى.. قال : فأين المؤمن ؟.. قالوا : في الجنّة.. قال : فأين الكافر ؟.. قالوا : في النار.. قال : فعليٌّ قسيم النار (٣).
ـ ويصحّح انحرافاً منهجياً وقع فيه أحد « أئمّة » الجرح والتعديل ، يحيى بن معين ، إذ نسب الشافعي إلى « بدعة » التشيّع ، ودليله في ذلك أنّه نظر في كتاب للشافعي في قتال أهل البغي ، فوجده قد احتجّ فيه من أوّله إلى آخره بعليّ بن أبي طالب !!
فقال له أحمد : عجباً لك ! فبمن كان يحتجّ الشافعي في هذا ، وأوّل من ابتلي به علي بن أبي طالب ؟ وهو الذي سنّ قتالهم وأحكامهم ، وليس عن النبي ولا عن الخلفاء غيره فيه سنّة ، فبمن كان يستنّ ؟! فخجل يحيى ! (٤)
فانظر إلى حجم الانحراف الفكري الذي أصاب الكبار ، وحتّى أئمّة الجرح
_____________
(١) مناقب الإمام أحمد بن حنبل : ٢٢٠.
(٢) مناقب الإمام أحمد بن حنبل : ٢١٩.
(٣) طبقات الحنابلة ١ : ٣٢٠ ت / ٤٤٨ ترجمة محمّد بن منصور.
(٤) مناقب الشافعي / البيهقي ١ : ٤٥١ ـ مكتبة دار التراث ـ القاهرة.