ونحن نقرأ في سيرة أولياء الله ما يجعلنا نتصاغر في أنفسنا. اين نحن من واجبنا ، والى متى نغفل عن مصيرنا ، ونحن لا نعلم هل خلقنا للجنة ، أم ان عاقبتنا النار؟!
فهذا زيد بن علي بن الحسين ـ عليه السّلام ـ يقص علينا سيرته سعيد بن جبير قال :
قلت لمحمد بن خالد : كيف زيد بن علي في قلوب أهل العراق؟ فقال : لا أحدثك عن أهل العراق ، ولكن أحدثك عن رجل يقال له النازلي بالمدينة قال : صحبت زيدا ما بين مكة والمدينة ، وكان يصلي الفريضة ثم يصلي ما بين الصلاة الى الصلاة ، ويصلي الليل كله ، ويكثر التسبيح ، ويردد :
«وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» (١)
فصلى بنا ليلة ، ثم ردد هذه الآية الى قريب من نصف الليل ، فانتبهت وهو رافع يده الى السماء ويقول : الهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ، ثم انتحب ، فقمت اليه ، وقلت : يا ابن رسول الله لقد جزعت في ليلتك هذه جزعا ما كنت أعرفه؟ قال : ويحك يا نازلي اني رأيت الليلة وانا في سجودي إذ رفع لي زمرة من الناس عليهم ثياب ما رأته الأبصار ، حتى أحاطوا بي وانا ساجد ، فقال كبيرهم الذي يسمعون منه : اهو ذلك؟ قالوا : نعم ، قال : أبشر يا زيد فانك مقتول في الله ، ومصلوب ومحروق بالنار ، ولا تمسك النار بعدها أبدا فانتبهت وانا فزع ، والله يا نازلي لوددت اني أحرقت بالنار ، ثم أحرقت بالنار ، وان الله أصلح لهذه الامة أمرها. (٢)
__________________
(١) سورة (ق) ـ آية (١٩).
(٢) بحار الأنوار ـ ج ٤٦ ـ ص ٣٠٨.