وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
كمن يغرق في ظلمات اعماله المنحرفة ، فلم يعد يرى شيئا من طريقه في الحياة ، بل يبلغ حدّا لا يرى فيه يده لو قربها من عينه ، وذلك بسبب عصيانه لربه ، مما سبب في سلب النور من عقله ، وسمعه ، وبصره ، فضلّ يتخبط في دياجير الظلام الدامس ، والآية الكريمة تبين ان اعمال الكافر هي بذاتها ظلام ، وهل يهتدي من لم يجعل الله له نورا في الحياة؟!.
وكلمة أخيرة : نجد في آيات هذا الدرس غرة الجمال وغاية الروعة ، فبعد ان ذكّرتنا الآية الاولى بان القرآن آيات مبينات ، ومثل وموعظة ، بصرّتنا الآية الثانية تجليات نور الله في السماوات والأرض .. ومثلا منها تجلى بالوحي في مشكاة قلب الرسول فاذا به نور على نور ، وبعد ان ذكرتنا آية النور ـ التي سميت السورة بها ـ بتفاصيل هذا النور فسرتها بالمثل الواقعي لتجسيد هذا النور :
الف ـ فهذه بيوت النبوة سمت بذكر الله ، انه مثل للمشكاة تستقبل المصباح ، «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ».
باء ـ ويزهر فيها ذكر الله كما المصباح يشع في المشكاة «فيها مصباح».
جيم ـ والصالحون في هذه البيوت هم سور ذكر الله ، كما الزجاجة للمصباح ، وهم في ذات الوقت حصون الدين ، وأوتاد العلم والفضيلة «الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ».
لذلك هم يسبحون ربهم بالغدو والآصال لا تلهيهم تجارة ولا بيع.
دال ـ وتعلو شعائر الله على أكتافهم من اقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وتلك الشعائر وقود مسيرة التوحيد ، وزيت اتقاد نور الوحي في الآفاق «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ».