ولماذا يتراكم على ارتفاعات ثابتة ولا يذهب الى اعماق الفضاء؟ ولماذا لا تعود السحب الى المحيطات التي انطلقت منها فتمطر فيها بدل ان تتوجه الى الأرض اليابسة فترويها؟ ولماذا لا يحصل اضطراب في تعاقب الليل والنهار؟ ولماذا .. ولماذا ...؟ إلخ.
ان هذه الظواهر الطبيعية (وكثير غيرها) دليل الحكمة البالغة للخالق المبدع سبحانه ، ولعل في قوله تعالى : «يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» اشارة الى ضرورة ملاحظة تحولات الحياة ، وتقلباتها ، فلحظة الشروق .. لحظة الأصيل .. لحظات حلول الربيع والخريف .. لحظات المطر .. وما الى ذلك تهدي الإنسان الى سر الحياة.
وهكذا التحولات الاجتماعية والسياسية الكبيرة ، كنشوب الحروب وسقوط دول وقيام أخرى ، تعكس سنن الله في المجتمع ، لأن قوانين الحياة وانظمتها انما تكتشف في هذه اللحظات ، فهل يعرف المنظرون السياسيون القوانين التي تحكم عالم السياسة الا من خلال الاحداث والتحولات الهامة؟
ينزل المطر ، وتدب الحياة الى الأرض الجرداء فتخضر ، وتغني الطبيعة على أديمها وتنشط فيها الدواب والطيور. إن هذه التحولات تفيض معاني جديدة ، على القلوب الطاهرة. فتسبح ربها وتكبره.
وحين يعلم الإنسان زخارف الحياة ومباهجها تتغير باستمرار ، فلا ملك يدوم ولا ثروة تبقى ولا جاه يستمر فيها ، آنئذ لا يطمئن إليها ، بل يطمئن الى الحي الذي لا يموت ، فلو عقل الملك زوال الحكم ، والغنى زوال الثروة ، لما استبد أو بخل ، ولما استكانت نفسه أو اطمأنت الا الى خالقه ، الحق الذي لا يتغيّر.
وهكذا يذكرنا الرب بسبحات الخلائق فيقول :