أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
تسبح بحمد الله ، وهذه الآية تدل على ان كل مخلوق قادر على التسبيح ، وانما وصف الله غير ذوي العقول بوصف ذوي العقول ، ليدلنا على ان لكل حي شعورا بقدره يسبح به ربه قال تعالى : «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ».
ان رهافة سمع اولي الأبصار تجعلهم يسمعون تسبيح كل حي في السموات والأرض ، لأنهم يتجاوزون المظهر الى اللب ، ويعبرون الدلالات الى الحق والشواهد الى الغيب ، فبالنسبة إليهم لا تعني حركة الأسماك في البحار ، ولا صراع الوحوش في الغابات ، ولا رفرفة الطيور في الفضاء ، مجرد نشاط عابث من أجل البقاء ، انما فيه أيضا محتوى ربّانيّ ، وابعاد فوق مادية ، انه تسبيح وصلاة وسعى نحو الأعلى ..
كيف لا يسبح ذلك القلب الزكي الذي لا يلتفت الى حي حتى يسمع منه التسبيح ، ويرى منه الصلاة والتبتل وإذا وجد بلاء يصيب واحدا من الأحياء عرف انما أصيب لأنه نسي ذكر الله.
جاء في رواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام :
«ما من طير يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شيء من الوحش الا بتضييعه التسبيح» (١)
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ
__________________
(١) المصدر / ص ٦١٣.