الدار التي يمكنه تحقيق طموحاته فيها ، وليست إلّا الدار الآخرة ، وهذا وعد أكيد من الله للمتقين «وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ» «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً»؟
روي أن الفضل بن سهل وزير المأمون العباسي أراد تزويج المأمون من ابنته «يوران» وكان مترفا ، وجندوا كل أموال الدولة الاسلامية من أجل حفل الزفاف ، وكذلك الطغاة يصرفون المليارات من الدولارات على حفلات زواجهم.
فصنعا ما صنعا ، ومن جملة ذلك صنعوا فراشا منسوجا بخيوط الذهب ، ومرصعا باللآلئ والجواهر ، وعند ما أراد الأب الأخذ بيد ابنته يسلمها إلى عريسها ـ كما تقتضي التقاليد آنذاك ـ قال لها : يا بنيّتي هل قصرت في حقك؟ وهل تريدين مني شيئا آخر ، فقد أعددت لك كلّ ما تتمنى نفسك؟
قالت : لم تقصر في حقي ، ولكني أريد شيئا واحدا.
وما هو ذلك؟
أريد مسمارا ومطرقة أسمّر بهما الفلك حتى يتوقف عن الدوران ، كي تبقى كلّ الليالي مثل هذه الليلة.
وأنى لي بذلك؟
قالت العروس : وما تنفع ليلة واحدة إذن؟
إن الإنسان مهما أوتي من نعم الله في هذه الدنيا ، إلا أنه سيبقى قاصرا عن بلوغ تطلعاته البعيدة ، فلو فكر بعقله مليّا لأدرك الجنة هدفا لا الدنيا.
ج ـ كلما ازدادت النعم على الإنسان في الدنيا ، كلما ازداد خوفه من زوالها.