لقد كانت القرية هذه آية من آيات الله التي يجب على الإنسان الاتعاظ بها ، وهي كما يذكره الحديث قرية سدوم لقوم لوط ، ولكن هؤلاء لم يعتبروا بما يرون من آثارها ، ليس لأنهم لم يروها وانما لأنهم يعتقدون ان الدنيا آخر المطاف ، فلا حساب ولا نشور.
ولا تشمل هذه السنة من يكفرون بالوحي جملة وتفصيلا فحسب ، بل كل واحد يتخذ القرآن مهجورا تشمله هذه السنة ، ونذكّر بهذه الحقيقة لان مشكلة الكثير منا اعتقاده باقتصار الإنذار والتبشير على الآخرين.
فنرتل القرآن ليستمعه غيرنا ، وكأننا أنهينا واجبنا بمجرد لقلقة لسان اعترفنا عبرها بالشهادتين. كلا .. لا بدّ أن يعرف كلّ فرد منا أنه لا يمكنه الوصول إلى درجة الايمان إلّا بالجهد الكبير والعمل الجاد ، ويعتقد كلّ منا ان القرآن حديث الله إليه.
فالذي لا يقرأ القرآن أو يقرأه دون تدبر ، أو يتدبره دون عمل ، أو يعمل ببعضه دون بعض ، أو يعمل به كله دون استمرار وتحمل للصعاب ، كل أولئك يشملهم قوله تعالى : إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً لان من كفر بالقرآن سابقا ليس لأنه من طينة تختلف عن طينتنا ، بل مثله كأي بشر وجد صعوبة الايمان بالقرآن ، وتطبيق آياته و مناهجه ، فتركه ولذلك تشمله سنة العذاب.
ونحن عند ما نتبع ذات الخطوات فنحن مثله. بلى. اننا عشنا في بيئة مسلمة تشهد بالشهادتين ، وتقول بنزول القرآن من الله ، فآمنا بذلك إيمان التقليد والوراثة ، وتتضح حقيقتنا عند ساعات الحرج التي يسميها القرآن بالعقبة ، والتي من واجبنا اقتحامها ، وفي الآية إشارة إلى إن الكفر بالنشور سبب سائر مفردات الكفر.
[٤١] وبعد أن ذكرنا الوحي بمصير المكذبين بالوحي. لعلّ القلوب تلين