فتستقبل الرسالة. أخذ يداوي أمراض القلوب الجاحدة.
ذلك أن مرض الاستهزاء بصاحب الرسالة. يقف حاجزا دون استقبال نور الوحي. أرأيت لو استصغرت أحدا. واستهنت بكلامه أيضا ، ولكن لماذا استهزءوا بالرسول الكريم؟ لأن قلوبهم أشربت بحب المادة ، فلم تعد تعترف إلا بالثروة والقوة والجاه العريض ، وبهذه المقاييس وزنوا العلم والفضيلة ، وأرادوا أن تكون موازين الرب تابعة لأحداثهم الشاذة ، ونظراتهم الضيّقة.
وقد بيّن القرآن في مطلع السورة هذه سخف تلك المقاييس المادية ، ولكنه ـ كما يبدو لي ـ عاد هنا إلى ذات الحديث ليذكرهم بخطإ منهجهم العلمي ، فهل من الصحيح أن نرفض إنذارا وراءه التدمير والتتبير عبر الاستهزاء بمن يحمله. هب إنه كما يحسبون ـ حاشا لله ـ فهل من العقل أن نقع في البئر لمجرد اننا لا نكرم من أنذرنا؟
وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً
من هذا حتى نتبعه ، أو نستجيب لإنذاره.
[٤٢] وكم هؤلاء غارقون في الغباء والضلال فلقد كاد الوحي يصل قلوبهم ، وكادت أنوار الهداية تخترق حجب العناد في أنفسهم ، ولكنهم صبروا على آلهتهم ، واستقاموا على الضلال بعناد وجحود ، فرأوا الهداية ضلالا ، والإصرار على الضلال صبرا على الحق. يا ويلهم ما أكفرهم قالوا :
إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً
[٤٣] وان هذه العقبة النفسية منشؤها عقبة أخرى تحصل بتغيير محور الإنسان من القيم