إلى الهوى. فيتبع أهواءه بدل عقله ، مما يجعله لا يميز الحق من الباطل.
إن عبادة الأهواء أساس كفر الإنسان ، لان مقياسه في تقييم الحياة سيكون ـ آنئذ ـ شهواته (حبّه وبغضه) لا عقله وعلمه ، فلأن فلانا محبوب لديه فهو جيد ، وأفكاره سليمة ، فيتبعه ، ولأن فلانا الآخر مبغوض عنده ، فهو خبيث وكل أفكاره خاطئة ، وسلوكه منحرف.
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ
ونرى الآن وبوضوح ان أساس الانتماء والولاء في عالمنا اليوم قائم على الحب والبغض وليس العقل والعلم ، وقد عرف أولوا السياسة وأنصار الثقافة الجاهلية ، ان مفتاح شخصية المجتمع الجاهلي هو الحب والبغض ، فسعوا لزخرفة أفكارهم الخاطئة بما يثير شهواتهم ، فشوهوا تقييمهم للأفكار ، وجعلوهم يلهثون وراء كل مجلة تنشر الصور المثيرة ، واتبعوا أجهزة الاعلام بالغناء والرقص وصور الفاتنا ، وما يثير شهوة الجنس أو السيطرة أو الطعام و .. و ..
وهكذا ضلوا وأضلوا ، ولم يكتفوا بتضليل الناس في القضايا المختلفة حتى سلبوهم قدرتهم على أن يسمعوا أو يعقلوا.
فلو ذهب شاب مثقف إلى مكتبة ما ورأى فيها كتابا قيما يحوي أفكارا هامة ، ولكنه مطبوع قبل مائتي عام وعلى ورق أصفر رديء ، فانه قلما يجد دافعا لشرائه وقراءته. وان تجشم الصعاب وضغط على نفسه ليقرأ بعض صفحاته ، فانه يشمئز من جراء الأخطاء المطبعية أو عدم الوضوح في كلماته حتى ليكاد أن يخطّئه.
وكذلك إذا وصلت بيده ورقة منشور لحركة إسلامية ، ومن جماعة مؤمنة لم تسرق أموال الناس لتطبع أفكارها على الأوراق المصقولة الجميلة ، أو في المجلات