الكثير من الناس من ينفق المال ، والقليل من يحصل على الثواب ، والأقل من ينفقه كما يريد له الله ، وهم عباد الرحمن حقا ، فانفاقهم ليس بدافع الترف والشهوة ، أو الرياء والسمعة ، وانما بدافع الايمان والعقل والارادة ، فلم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
فبين هذا وذاك ينفقون وباعتدال ما يقيمون به حياتهم و حياة الآخرين.
وهكذا يروي العياشي يقول : استأذنت الرضا (ع) النفقة على العيال؟ فقال : «بين المكروهين. قال فقلت : جعلت فداك لا والله ما اعرف المكروهين ، فقال : بلى ـ يرحمك الله ـ أما تعرف ان الله تعالى كره الإسراف وكره الإقتار فقال : «وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً» (١).
و ضرب الامام الصادق عليه السّلام مثلا لذلك فأخذ قبضة من حصى وقبضه بيده فقال : هذا الإقتار ـ الذي ذكره الله عز وجل في كتابه ـ ثم قبض قبضة أخرى فأرخى كفه كلها ثم قال : هذا الإسراف ثم أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال : هذا القوام.
وتربط رواية ثالثة بين الإنفاق ومستوى المعيشة في المجتمع ، بينما نجد رواية رابعة : تجعل الإنفاق في سبيل قوام البدن وفيما يصح البدن إسرافا ـ مهما كان ـ وتأمر نصوص أخرى بضرورة التوسعة على العيال ، ونفهم من مجموع النصوص انّ الإقتصاد في المعيشة يرتبط بمجموعة عوامل يحددها الشرع والعقل والعرف.
__________________
(١) المصدر / ص ٢٨.