فارغة من سكنتها ، وهنالك البئر المعطلة لا تستقي ، والقصر المبني لا يسكن.
إن التجارب التاريخية كثيرة ، والأبصار التي تراها كثيرة ، الا ان القلوب التي تعقلها وتستفيد منها هي القليلة. قد أصابها العمى وأنكر العمى عمى القلوب التي في الصدور.
ولان أفق البشر ضيق ، فهو لا يحسب لمستقبله حسابا ، فتراه يستعجل الرسول بالعذاب ، ولا يعلم بان صبر الله وإملاءه عظيم ، فاليوم هنالك كألف سنة مما يعده البشر هنا ، وان وعد الله لا يتخلف ، وها هي أمامنا القرى التي امهلها الله ، واملى لهم بالرغم من انها كانت ظالمة ثم أخذها واليه المصير!
وهذه رسالة الله تنذر الناس ، بمثل ذلكم العذاب ، وتبلغهم الإنذار ببيان واضح.
فالمؤمنون الذين يعملون الصالحات جزاؤهم مغفرة الذنوب التي ارتكبوها ، ورزق كريم للصالحات التي كسبوها. اما الذين يسعون في آيات الله معاجزين يتحدونها ، ويعوقون طريقها ، ويحسبون انهم يسبقون الرب ويعجزونه ، فأولئك أصحاب الجحيم ، يملكونها وتمتلكهم.
لقد غرتهم الفرصة ، فأخذهم الله في لحظة ، أخذ عزيز مقتدر ، وفي نهاية هذا الدرس تأكيد على مهمتي التبشير والإنذار في رسالات الله (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، فالانذار عادة ما يسبق البشارة ، لان الإنذار يهدف الى خلق الارضية في نفس الإنسان ، فخشية الإنسان من فقده ما في يده ، أكثر من خشية فقده ما في يد غيره ، فالانذار مؤشر خطر عند الكفار لأنه ينذر بزوالهم وزوال نعمهم ، فلذلك يندفعون الى الايمان خوفا ، ومن ثم فان البشارة تأتي لتسد هذا الخوف مبشرة بالجنة.