(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)
فالملك الحقيقي بيده وحده تعالى ، لأنّه الباقي بعد فناء كلّ شيء ، ولأنّه وحده القادر على التصرف في ملكه بصورة مطلقة ، أمّا ما يملكه الخلق فمالكيتهم له محدودة بقدر ما منحهم الله ، فمتى شاء زاده أو نقص منه أو سلبه وحوّله إلى غيرهم.
وهذه الآية تفتح آفاقنا على وجود أوسع من الأرقام الفرضية التي يقدّرها العلماء والفلكيون ، بل أوسع ممّا للإنسان المقدرة على تخيّله مهما ذهب بعيدا ، وأنّى له تصوّر ملك الله وهو بيّد قادرة على كلّ شيء وتمدّه بالبركة بعد البركة؟!
(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وكفى دلالة على أنّ الملك بيده تعالى وأنّه صاحب القدرة المطلقة أن ينظر الإنسان إلى الوجود من حوله وما فيه من آيات القدرة والعظمة ، وكيف أنّه مسيّر وفق نظام دقيق وضعه الله له لا يخرج عنه ، ولا ترى فيه ثغرة أو نقصا أو فطورا.
ولقد وردت رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ في بيان جوانب من معاني أسماء الله الحسنى نذكر بعضها للفائدة : ولمّا تسمّى بالملك أراد تصحيح معنى الاسم لمقتضى الحكمة ، فخلق الخلق وأمرهم ونهاهم ليتحقق حقيقة الاسم ومعنى الملك (ويظهر من هذه الكلمات أنّ الشرائع من مظاهر اسم الملك الإلهي) والملك له وجوه أربعة : القدرة (على التصرف في الملك بمطلق التصرف) ، والهيبة (وهي انعكاس لقدرة المالك على المملوك) ، والسطوة (بأخذ المملوكين بالقوة والبطش حين المخالفة. فسبحان من لا يعتدي على أهل مملكته بسطوته) ، والأمر والنهي (تشريعيّا وتكوينيّا) (١).
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٩٣ ـ ص (٤١ ـ ٤٢).