[٢] ومن أظهر آيات ملك الله ، وأظهر آيات قدرته : الموت والحياة ، وقد اختلف في معناهما هنا إلى رأيين : أحدهما : أنّهما ظاهرتا الموت والحياة اللتان تطبعان آثارهما على كلّ شيء ، سواء الماديتين كموت الإنسان وحياة الأرض بالزرع ، أو المعنويتين كالهدى والصلاح في مقابل الضلال والفساد ، والآخر : أنّهما إشارة إلى تقسيم الكائنات إلى أشياء جامدة وذات حياة.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ)
وقد أشار الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ إلى المعنيين فقال : «الحياة والموت خلقان (من) خلق الله ، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان لم يدخل في شيء إلّا وخرجت منه الحياة» (١) والذي يظهر لي أنّ الموت هنا بمعنى انفصال الحياة من كائن حي كما تفيد الرواية ، وبما أنّ معرفة الحياة بصورة أجلى تتحقّق بمعرفة الموت فإنّه قدّم الموت على الحياة ، ولا أعتقد أنّ ما قاله بعض المفسرين والفلاسفة من أنّ الموت سابق للحياة صحيحا ، لأنّ الإنسان قبل خلقه ووجوده لا يقال له ميت ، وكيف يقال للعدم ميّت؟! من هنا جاء في الحديث المروي عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ : «وانّ الله عزّ وجلّ خلق الحياة قبل الموت» (٢) وقد يكون تقديم الموت على الحياة في الآية لحكمة أخرى هي أنّ قدرة الله تتجلّى بالموت حيث لا يجد سبيلا لتحدّيه ولا مفرّا من سطوته.
كذلك جاء في الدعاء المأثور : «وقهر عبادة بالموت والفناء» (٣).
ويضع الله الإنسان أمام سنّة الموت الحتمية ، وفرصة الحياة ، ويذكّره في نفس
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣٧٩.
(٢) المصدر نقلا عن أصول الكافي.
(٣) مفاتيح الجنان / دعاء الصباح.