ذلك هي التي تحدد مبادئ الناس ومسيرتهم ، فيهتدي البعض ويضل آخرون ، والقرآن هنا يوجّهنا إلى الإجابة الحق ليضعنا على الصراط المستقيم في الحياة.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ)
وليست الصدفة ولا الشركاء المزعومين من دونه. تلك الفلسفات التي تاهت بعقول الكثير ولا زالت حتى اليوم تضلّها. وحيث أنّ الله هو الخالق فإنّه أهل الملك والحمد والقدرة ، ولكنّك مع ذلك ترى بين الناس من يكفر به سبحانه بالرغم من تجلّيات أسمائه وآياته في الطبيعة وفي ضمير الإنسان وعقله.
(فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)
وكما يؤكّد هذا المقطع حرية الإنسان في اختيار مسيرته ومصيره فهو يبيّن مدى طغيان البشر الذين يكفرون بخالقهم بدل أن يشكروه على نعمة الخلق وسائر النعم. وتنسف الآية فلسفة الجبر التي تقول بأن الكفر والإيمان أمر تكويني يحدّده الله ، فكما يخلق الأسود والأبيض كذلك يخلق المؤمن والكافر ، كلا .. إنّ الخلق منه تعالى بينما الكفر والإيمان رهين اختيار الناس وإرادتهم «فمنكم .. ومنكم».
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
إذا فعمل الإنسان هو الذي يحدّد مذهبه ومصيره عند الله وليس لونه أو مجيؤه من والدين كافرين أو مؤمنين ولا أي شيء آخر. وفي الآية تحذير من طرف خفي بأنّ حريتك أيّها الإنسان ليست أبديّة ، وأنّ الله لم يخلق الناس ليتركهم سدى ، أو أنّه مغلولة يداه ومحجوب عن الخلق ، إنّما هو رقيب ومهيمن عليهم ، وهكذا تنفي الآية التفويض كما تنفي الجبر لتثبت ـ بالتالي ـ أمرا وسطا بين الأمرين.