خلال تعريفه باسمين لربه من أهمّ ما ينبغي له التعرّف عليهما .. فلا يسترسل مع الرجاء المفرط ، ولا يصير فريسة للقنوط.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)
يأخذ بعزّته العاصين المذنبين ، ويغفر لمن يتوب ، فمن أحسن العمل غفر له ، ومن أساء عذّبه. ثم إنّنا نهتدي من هذه الخاتمة أنّ للابتلاء هدفا آخر غير استظهار معدن الناس ، وهو الجزاء.
[٣ ـ ٤] ثم تأخذ الآيات بأبصارنا وبصائرنا إلى بديع خلقه الكائنات ، فإنّنا إذا أمعنا النظر فيها والقينا نظرة إلى السماء التي تمتد مدى أبعد من أدق النواظير وأعظمها التي اخترعها الإنسان بما لا يقدر بشر على تخيّله .. وأعظم من حجم السماوات ذلك النظام المتناهي في الدقة الذي يحكمها على ما فيها من المنظومات والمجرات الهائلة ، فسنقرأ في الآفاق أسماء ربنا الجليل. إنّ التفكر في خلق الله يوقف الإنسان أمام حقيقة بديعة هي متانة الحق والتدبير في كلّ مفردات الكون وأجزائه ، والنظرة السليمة التي ينبغي أن نسلكها ليست التي تقف بنا عند ظواهر الأشياء ، بل التي تحملنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب ، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق الذي أنشأه وأبدع له النظام الذي يسير عليه.
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)
قالوا : يعني بعضها فوق بعض ، كما قال الله : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١) ويبدو أنّ التطابق هنا بمعنى الدقة في التكامل والتناسق ، من باب المطابقة والموافقة ضد التناقض والتنافر ، وإن دلّ ذلك على شيء فإنّما يدلّ على دقة
__________________
(١) الإنشقاق / ١٩.