والذي يدعو إلى تجاوز ظواهر الأمور إلى بواطنها.
إنّ الإنسان لا يستطيع أن يصنع شيئا إلّا وفيه ثغرة ، ولكنّك لا تجد ولا بعضا من فطور في خلق الله ، وأنّى يكون ذلك وهو الرحمن ، الذي لا يريد لخلقه عناء ولا نصبا؟ أترى لو كانت الشمس تتغير من موقعها هل نستطيع العيش على هذا الكوكب؟! وهل يمكن لنا الحياة على الأرض لو انعدم الأوكسجين أو تلاشى قانون الجاذبية؟! كلّا .. إذن فذلك من رحمة خالقنا وتلطّفه بنا سبحانه.
بلى. قد ينظر الإنسان إلى خلق الله ويتفكر فيه فيزعم أنّ وجود اللوزتين ـ مثلا ـ ثغره في خلق الإنسان ، الأمر الذي دعا بعضهم قبل سنين معدودات إلى اقتلاعهما بعيد الولادة! أو يسمّي عضوا داخله بالزائدة الدودية ، وتسود هذه الأفكار بين الناس بل في الأوساط العلمية أيضا ردحا من الزمن ، ولكنّه بعد أن يتقدم العلم يكتشف خلاف تلك المزاعم ، ويتبيّن له أنّ اعتقاداته السابقة كانت ظنونا سببها الجهل والتسرّع في الحكم. لذلك يدعو القرآن للتفكر والنظر في الأمور بإمعان مرّات عديدة :
(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)
وأكثر من ذلك ، وابحث بكلّ ما تستطيع عن تناقض وثغرات في خلق الله ، بل افترضه ذلك ثم حاول أن تثبت وجوده ، فهل ستجد إلى ذلك سبيلا؟ كلّا .. وإنّما ستصل إلى حقيقة واحدة هي التي أشار إليها القرآن : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) عند تفكرك في أيّ خلق من خلقه تعالى ، حتى.
(يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)
والخاسئ المطرود المبعد ، وتقال هذه الكلمة للكلب والخنزير ، قال صاحب