الثانية : أنّ النظام الكوني نظام متقن ، وهو بالرغم من وجود العوامل المضادة التي تحاول خرقه كالشياطين فإنّها لا تؤثّر في مسيرته ونظمه ، وأنّ مصير كلّ محاولة لخرقه هو الفشل. وهذه الحقيقة تعطي الإنسان الاطمئنان والأمن حيث يشعر أنّه يعيش في كون منظّم ومحروس.
ويؤكّد ربّنا في خاتمة الآية بأنّ ما هو أعظم من جزاء الرجم الدنيوي للشياطين هو ذلك العذاب المعدّ لهم في الآخرة.
(وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ)
ويدلّ هذا المقطع على أنّ الشياطين مخلوقات مكلّفة ومختارة ومسئولة حيث تجري عليهم سنّة الجزاء.
[٦] وبعد أن انتهى الفصل الأوّل الذي استهدف زرع الخشية من الله بالغيب من خلال معرفته بالشهود ومن خلال تعريفه نفسه بالآيات ، يبدأ السياق القرآني فصلا آخر لا ينفكّ عن الأوّل ، بل يلتقي معه في ذات الهدف ، حيث تذّكرنا الآيات التالية بعذاب جهنّم وجزاء الله للكافرين.
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ)
إنّ الكفر بالله من قبل الإنسان هو الآخر كعمل الشياطين خرق لنظم الله ممّا يستوجب العذاب. ولهذه الآية صلة متينة بالآية الثانية في السورة التي بيّنت بأنّ حكمة الخلق استظهار معدن الإنسان بالابتلاء ، والكفر والعذاب صورة لفشل الإنسان في القيام بدوره وواجبه الذي خلق من أجله ، فيتردّى في الجحيم.
(وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)