والمصير من الصيرورة أي ما يصيّر الإنسان نفسه إليه.
ويلاحظ في هذه السورة تأكيد الله على اسم الرحمن أربع مرّات (في الآية الثالثة ، والتاسعة عشر ، والعشرين ، والتاسعة والعشرين) ، وكأنّه تعالى يريد أن يؤكّد بأنّه إنّما خلقنا ليرحمنا لا ليعذّبنا ولكنّنا نحن الذين نختار العذاب لأنفسنا بإرادتنا حينما نكفر به ، فانّ ما يصير إليه الإنسان من العقاب نتيجة كفره لا لأنّ الله سبحانه يريد له بئس المصير .. وبماذا يكفر ويمارس الكفر؟ إنّه يكفر بخالقه ورازقه وواهبه الحياة وكلّ ما يملك ، ويمارس عناده له بنعمه .. بنعمة المال والقوة والصحة والسمع والبصر و.. و..! ولعلّ هذا ما توحي به كلمة «بربّهم» أي به وبوسيلة نعمه.
[٧ ـ ٩] ويفصّل القرآن القول في موضوع العذاب مبيّنا بعض صفات جهنّم وأحوال أصحابها حينما يلقون فيها ، لعلّنا نتحسس ذلك الغيب ، ونخشى سطوة الله .. فما هي صفات جهنم؟
أوّل صفة لها أنّها ـ كما الحفرة أو الوادي ـ ذات قعر سحيق ، وقد يكون أوّل عذاب يواجهه أهل جهنم فيها هو الإلقاء من الأعلى إلى الأسفل ، فعن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن جبرئيل قال :
«وإنّ جهنّم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما» (١) ويعلم الله كم هم يقاسون في هويهم من ألوان العذاب؟!
(إِذا أُلْقُوا فِيها)
وبناء الفعل هنا للمجهول يدلّ على أنّهم يلقون مكرهين في النار ، وفي
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٣ ـ ص ٤٧٧.