تنفجر ويمتاز بعضها عن بعض لو لا مشيئة الله! والغيظ الذي يكاد يفجّرها هو انعكاس لغضب الله على الكافرين في واقع جهنم ، والآية توحي بأنّ النار لها شعور يوم القيامة ، وليس من شيء يدعوها للغيظ أعظم من عصيان أصحابها لربّهم عزّ وجل!
ويأبى الله سبحانه إلّا أن يظهر عدالته حتى لأولئك الذين تسير بهم الأقدار إلى قعر جهنم فإذا بملائكته يسألونهم عن سبب وصولهم إلى هذا المصير البئيس ، لكي لا يدخل النار أحد وفي قلبه ذرّة من شك بأنّه سبحانه قد ظلمه ، ولكي يصير أهل النار إلى العذاب وهم في أعظم ما تكون الملامة لأنفسهم على ما فرّطوا في جنب الله وفي الإعداد لتلك الدار الاخر.
(كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ)
يحذّركم من معصية الله ومن هذه النار.
(قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ)
فالحجة إذن بالغة عليهم ، وأسباب الهداية إلى الحق والوقاية من العذاب وأهمّها المنذر والإنذار كانت متوافرة. فعن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ أنّه سأله رجل : لأيّ شيء بعث الله الأنبياء والرسل إلى الناس؟ فقال : «(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) ، ولئلّا يقولوا ما جاءنا من بشير ونذير ، وليكونوا حجة الله عليهم. ألا تسمع الله عزّ وجلّ يقول حكاية عن خزنة جهنم ، واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل : الآيتين» (١).
وحيث انتفى التقصير عن الله المعذب ثبت على الطرف الآخر وهم الكافرون
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ـ ص ٣٨١.