وحده فيما يريد ، فهو بيده أن يهلك الرسول ويعذّبه أو يرحمه لو شاء. وهكذا تنسف الآية الأفكار الضالة في الشفاعة ، حيث يقول النبي محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو أقرب الخلق إلى الله وأعظهم عنده وهو الموعود بالشفاعة أنّه لا يملك من الله شيئا ، فكيف بمن هو دونه من الأولياء الصالحين؟ وكيف بالشركاء الموهومين؟!
(فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)
فالكافر إذن معذّب لا محالة لأنّ الشفاعة والشركاء الموهومين لا يملكون له من الله شيئا.
قال البعض : إنّها تربط إجارة الكافرين من عذاب أليم ببقاء الرسول هاديا ومبشّرا ونذيرا (١) ويبدو أنّ ذلك مستوحى من قوله سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
[٢٩] وبعد التخويف والتحذير يفتح القرآن على القلوب باب الرجاء بذكر اسم الرحمن حتى لا تصاب باليأس والقنوط.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ)
ويبدو أنّ في الآية إشارة لطيفة إلى أنّ الله لا يهلك الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومن معه إنّما يرحمهم ، لأنّه الرحمن وقد آمنوا به وأطاعوه بالتوكل عليه وحده.
(وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا)
__________________
(١) تفسير الفرقان ج ٢٩ ص ٥٣.