لا يتنافى ومصالح المستكبرين! كما كانوا أيّام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيث كانوا يسمّونه مجنونا لأنّه أراد تغيير الواقع والإنسان تغييرا جذريا ، طمعا في هزيمته نفسيّا ثم تنازله عن ذلك الهدف العظيم.
ومن الجدير ذكره هنا أنّ من أسباب تحريف الديانة المسيحية واليهودية في التاريخ أنّ القيادة الدينية تأثرت بعاملين : أحدهما الخوف من المترفين الجبّارين ، والآخر الرغبة في استقطاب المزيد من الجماهير في ظلّ حماية الدولة ، ممّا دعاهم إلى المداهنة بحذف بعض القيم والأحكام التي في الإنجيل والتوراة ، وإدخال بعض الأفكار والأحكام التي تتوافق مع أهواء الناس ، ونسوا أنّ ما بقي لم يعد دين الله ، بل دين الجبّارين ، وأنّهم بذلك أصبحوا خدما في بلاط السلاطين وليسوا منقذين لعباد الله المحرومين!
الفريق الثاني : المنافقون في المجتمع المسلم ، الذين يتمسكون بقشور الدين ، كالصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصوم الذي لا يورث تقوى ولا يعطي صاحبه إحساسا بألم الفقراء ، والإنفاق المحفوف بالرياء وحب السمعة ، وهكذا الممارسات التي فرّغت من محتوياتها الإصلاحية ، وهؤلاء لا ريب يكذّبون بكثير من الحقائق الإلهية كالجهاد ، وحرمة الاستغلال ، ويودّون لو تداهنهم القيادة الرسالية ، ولكنّهم لا يجهرون بذلك. وما يبدو من الآيات التي تبيّن صفاتهم أنّ أهمّ هدف يسعون لتحقيقه من تزلّفهم للجهاز الديني في الأمة أن يجعلوه مقمعا في أيديهم يضربون به الآخرين ، كالمحرومين المستضعفين والمصلحين المغيّرين أفرادا وجماعات ، والسبب أنّهم لا يريدون إلّا مصلحتهم ، كما أنّهم أول من يعارض الإصلاح والتغيير ، ذلك أنّ وجود الأنظمة الفاسدة والمنحرفة عن الحق عامل أساسي في استغلالهم للطبقة المحرومة ووصولهم إلى مآربهم المادية. فما هي صفات هذا الفريق؟