الدينية (لكي تفشل المترفين في مرامهم) على مستوى رفيع من تقوى الله فلا تخدعها زخارف الدنيا عن الحق ، وأيضا في مستوى عال من الوعي السياسي والحنكة الإدارية والفطنة الاجتماعية ، ومستوى من الوعي يكشف مكرهم مهما كان خفيّا ومحكما ، ولذلك جاءت النصوص الدينية مؤكّدة على هذين الأمرين.
(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)
يبدو أنّ أصل معنى المداهنة جاء من وضع الدهن على الشيء لكي يلين جانبه ويكون مطواعا ، والمعنى أنّهم يطمعون لو أنّك يا رسول الله تطيعهم في التنازل عن بعض القيم الإلهية والمواقف فيبادرون هم بالتنازل عن بعض مواقفهم منك ومن الرسالة ، كما فعل من قبل بعض أحبار اليهود والنصارى.
وما أكثر ما تتعرض القيادات الرسالية لهذا اللون من الضغط الماكر ، فما أحوجها لتقوى الله. ولا ريب أنّ أعظم مداهنة يسعى المترفون لإيقاع القيادات الدينية فيها هي فصل الدين عن السياسة لكي يتسنّى لهم التلاعب بمقدرات الشعوب بصورة أفضل ، ولكي تبقى سلطتهم في مأمن من ثورة المجتمع ، باعتبار أنّ ربط الدين بالسياسة يبعثه نحو الثورة للتحرر والتغيير.
ويتأثّر الإنسان بالمداهنة عبر أحد عاملين : الأول : الافتتان بحطام الدنيا الذي يقدّمه المترفون ، والثاني : تغيير قناعة القائد بالقيمة التي يداهن فيها فيتنازل عنها بحثا عمّا هو أفضل منها ، ولذلك فإنّ المستكبرين يوظّفون جانبا كبيرا من إمكاناتهم الإعلامية لتحقيق هذا الهدف ، بمحاربة قناعات الرساليين ليس في المجتمع وحسب بل في داخل أنفسهم أيضا ، فمثلا تراهم يوحون عبر إعلامهم المضلل بأنّ المجاهدين الذين يسعون للإصلاح الشامل إرهابيون ، ويضربون على هذا الوتر طويلا لعلهم يجدون تجاوبا عند بعض المجاهدين فيغيّروا من خططهم بما