الثاني : فصل القيادة عن المجتمع حتى تظل أذنا صاغية لهم وحدهم فتكون قراراتها ومواقفها لصالحهم فقط ، بل لا يريدون أحدا سواهم يتصل بمركز القوّة في الأمة ، لتكون لهم اليد الطولى فيها. ولأنّهم عادة ما يكونون من الطبقة المستكبرة المترفة فإنه يهمّهم أن يوجدوا فاصلة بين الأمة وبين القيادة لكي يبقى الناس فريسة لسياساتهم الاستغلالية والمنحرفة دون علم من القيادة يدعوها للتدخل ضدهم.
الثالث : ضرب القوى الإصلاحية والمنافسة ، فأنّى ظهرت بوادر الإصلاح تصدوا لها ، وسوّدوا الصفحات بالتقارير المضللة التي لا تحوي سوى الطعن والكذب على الآخرين ، وملأوا بيت القيادة وأذنها بالشائعات المغرضة وبالتهمة والبهتان ، وكلّ ذلك ليصير القائد مقمعا في يدهم يضربون به يمينا وشمالا هذا العالم وذلك الثائر وتلك الحركة الرسالية.
(هَمَّازٍ)
قيل : الهمّاز هو المغتاب ، وفي المنجد : الطعّان العيّاب النخّاس (١) وقال صاحب البرهان : لكن في الصحاح همزه أي دفعه ، وقوس همز أي شديدة الدفع للسهم ، وفي النهاية : كل شيء دفعته فقد همزته ، وفي سورة المؤمنين : (أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) أي وساوسهم ونخساتهم وغمزاتهم (٢) وأضاف مجمع البيان قائلا : والأصل فيه الدفع بشدة اعتماد ، ومنه الهمزة حرف من الحروف المعجمة فهي نبرة تخرج من الصدر بشدة اعتماد (٣) ، ويبدو لي أنّ الهمّاز هو الذي يثير الناس ويستحثهم ويحرّكهم ضد الآخرين بالكلام أو الفعل ، وآلة الهمز حديدة
__________________
(١) المنجد مادة همزة.
(٢) تفسير البرهان / ج ٤ ص ٣٤٠.
(٣) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٣١.