(أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١) ، ويومئذ يظهر الغبن لدى أهل النار بخسرانهم الجنة ووقوعهم في الخسارة العظمى بدخول جهنم ، ولأنّ المؤمنين يرثون منازلهم في الجنة فكأنّهم أوقعوا بهم الغبن.
٢ ـ إنّ المؤمنين والكافرين في صراع وتحدّ دائمين ، وكلّ فريق يحاول إيقاع الخسارة بالطرف الآخر عبر الإنتصار عليه أو تحطيمه ، وحيث أنّ الدنيا دار الابتلاء لكلا الفريقين فهي للكافرين على المؤمنين تارة ، وتارة للمؤمنين على الكافرين ، والغبن فيها نسبي محدود ، أمّا في الآخرة وهي دار الخلود فإنّها المصداق الأعظم للتغابن ، فالغابن فيها غابن حقّا ، والمغبون فيها خاسر بتمام المعنى. صحيح أنّ أساس الغبن في الدنيا ، لأنّ الدنيا هي دار العمل ، ولكنّ ظهوره لا يكون إلّا في الآخرة ولا يسمّى الغبن غبنا إلّا بعد أن يظهر للناس جليّا.
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً)
أي يترجم إيمانه إلى العمل فإنّ الإيمان الحقيقي بالله أصل كلّ خير والباعث على كلّ صلاح.
(يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ)
أي الخطايا الجانبية.
(وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
وهذا مصير الطرف الغابن. وفي الآية إشارة إلى أحد معاني الشفاعة وهي أن
__________________
(١) المؤمنون / ١٠ ـ ١١