(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ)
كنتيجة مباشرة لذلك. وماذا يعني عصيان الرسول؟ إنّه الانحراف عن الحق والسنن الطبيعية في الحياة ، ومحاربة الله .. وهل ينتهي ذلك إلّا إلى الانحطاط والهلاك؟!
(فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً)
وأصل الرابية : الزيادة ، ويسمّى ما ارتفع من الأرض رابية لأنّه في حقيقته زيادة فيها بالارتفاع ، وأمّا الأخذة الرابية فهي : إمّا التي زادت على غيرها من عذاب الله وأخذه ، أو التي نمت وتعاظمت بسبب تراكم الخطيئات ، وهذا قريب ، وفيه دلالة على أنّه تعالى أملى لهم وأمهلهم ليزدادوا إثما ، فيزيدوا بأنفسهم غضب الله عليهم في الدنيا والآخرة.
[١١] ويذكّرنا القرآن بأعظم ما شهده تاريخ البشرية من الجزاء الإلهي ، وهو ذلك الطوفان الذي تفجّرت به ينابيع الأرض ، وانفتحت أبواب السماء بماء منهمر ، فابتلع اليابسة كلّها في عصر نوح (ع) ، ولكنّه في نفس الوقت يوجّهنا إلى لطف الله بالبشرية كلّها حين حفظ وجودها بحملها في السفينة ، هذه الآية التي يهدينا التفكير فيها وبصورة مسلّمة إلى أنّ سنة الجزاء ليست صدفة ، إنّما هي تحت هيمنة الله الحكيم في تدبيره.
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ)
أي السفينة التي تجري على الماء ، وطغيان الماء : زيادته عن المعتاد وعن حاجة الناس والنبات إليه ، ويقال للبحر : طغى : إذا تجاوز على اليابسة ، وفي الدر المنثور عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، قال : طغى على خزّانه فنزل ، ولم ينزل من