رهبة ، حيث يلقى الإنسان حسابه ومصيره الأبدي ، ولأنه الهدف الأساسي من وراء كلّ أحداثها ومشاهدها المرعبة ..
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)
وإذا كانت لا تخفى عند الحساب والجزاء ولا حتى واحدة من الأعمال التي أخفاها الإنسان وقام بها في السر ، فكيف بالظاهر منها؟ فالحساب اذن دقيق ، لأنه يتأسس على علم الله المحيط بكلّ شيء ، وبالحساب يوم القيامة يتجلّى عدل الله ولطفه وغضبه وعلمه ، قال رسول الله (ص): «لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله عن أربع خصال : عمرك فيما أفنيته؟ وجسدك فيما أبليته؟ ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته؟ وعن حبّنا أهل البيت» (١) ، ويعرض أعمال العباد ليظهر الحق جليّا ، كما تتأكد القارعة والواقعة بوقوعها ، ولذلك سمّيت القيامة بالحاقة.
وكلمة أخيرة :
إنّنا نلاحظ في القرآن أنّه لا يكاد يتحدث عن التاريخ ومصير الأقوام السالفة إلّا ويوصل ذلك بالحديث عن الآخرة ، فما هو السر في ذلك وما هي العلاقة بينهما؟
١ ـ لأنّ الإسلام لا يريد للإنسان أن يعيش لحظته الراهنة فقط ، إنّما يعيش الحاضر على ضوء الماضي والمستقبل معا ، فيتحرك من حيث انتهى الآخرون ، ويتعظ بتجاربهم لبناء حياة سعيدة في الحاضر ، وفي نفس الوقت يخطط ويعمل لكي يربح المستقبل.
٢ ـ ولأنّ الآخرة كما التاريخ غيب لا سبيل للإنسان إلى معرفته إلّا بالآيات
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧ ص ٢٥٩.