قالوا بأنّها شعر تارة وكهانة تارة أخرى جحودا واستكبارا ، وإنّها لتذكرة للمتقين وحسرة على الكافرين ، وإنّه لحق اليقين ، فسبحان الله عمّا يصفون ويشركون.
بينات من الآيات :
[١٩] بعد عرض الناس للحساب تظهر حقيقتهم ، وتتعين مصائرهم على أساسها في ظل الهيمنة المطلقة للحق ، ولعله لذلك سمّيت القيامة بالحاقّة ، فإمّا أن يكون الحق مع الإنسان فيقوده إلى الفوز بالجنة ، وإمّا أن يكون ضده فيسوقه إلى بئس المصير في جهنم. ويكشف لنا القرآن عن غيب الآخرة ليضعنا أمام مصيرين لا ثالث لهما بعد أن وضعنا في أجواء القيامة وأحضر مشاهدها في قلوبنا لكي نختار أحد الإثنين ، وبالطبع نرى السياق القرآني يرجّح لنا بعرضه الحكيم خيار أصحاب اليمين.
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ)
ممّا يعني فوزه بالجنة والرضوان ، لأنّ اليمين رمز ذلك ، وكناية عن اليمن والبركة والخير.
(فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)
قال العلامة الطبرسي «هاؤم» أمر للجماعة بمنزلة هاكم (وأضاف :) بمنزلة خذوا ، وإنّما يقول ذلك سرورا لعلمه بأنّه ليس فيه إلّا الطاعات ، فلا يستحي أن ينظر فيه غيره (١) ، وقال الرازي : دلّ ذلك على أنّه بلغ الغاية في السرور فأحبّ أن يظهره لغيره حتى يفرحوا بما ناله (٢) ، ولعل خطابه موجّه لإخوانه من أصحاب
__________________
(١) مجمع البيان / ج ١٠ عند الآية.
(٢) التفسير الكبير / ج ٣٠ عند الآية.