الجنة ، وبالخصوص أئمة الحق الذين ينصبهم الله موازين للأمم عند الحساب ، كما قال تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (١).
قال الإمام الصادق (ع): كل أمّة يحاسبها إمام زمانها ، ويعرف الأئمة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم ، وهو قوله تعالى : «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ» وهم الأئمة «كلّا بسيماهم» فيعطوا أولياءهم كتابهم بيمينهم ، فيمرّوا إلى الجنة بلا حساب ، ويعطوا أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب ، فإذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم : الآيتان ١٩ (٢)
وكتاب المؤمنين الذي سجّلت فيه صالحاتهم هو جوازهم على الصراط إلى الجنة ، وشهادتهم في الانتماء إلى الصالحين والأبرار ، وتسجيل الله لهذه اللقطة «اقْرَؤُا كِتابِيَهْ» يأتي للتأكيد على أنّ أحدا لا يدخل الجنة من دون ثمن ، بل إنّ الله خلق كلّ واحد وأعطاه الإرادة والإختيار بأن يكتب بنفسه حياته ومستقبله المصيري ، وصفحات الإنسان التي يتألّف منها كتابه هي ساعات عمره التي يكتب فيها ما يشاء من الأعمال التي تحدّد مصيره في الآخرة ، وفي الخبر النبوي أنّه : «يفتح للعبد يوم القيامة على كلّ يوم من أيّام عمره أربعة وعشرون خزانة (عدد ساعات الليل والنهار) فخزانة يجدها مملوءة نورا وسرورا ، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزّع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار ، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه ، ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة ، فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسم على أهل الجنة لنغّص عليهم نعيمها ، وهي الساعة التي عصى فيها ربه ، ثم يفتح له خزانة
__________________
(١) الإسراء / ٧١.
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٤٠٧.