(إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ)
وعند ما كفروا بالله العظيم استحقّوا جزاء الضعف من العذاب. لماذا؟
أولا : لأنّ الله عظيم انتشرت آيات قدرته وجلاله في كلّ شيء ، فكيف جاز لهم الكفر به مع ذلك؟!
ثانيا : إنّ الذنب يزداد قبحا حينما يكون عصيانا لربّ عظيم.
ولقد عبّر أئمة الهدى عن هذه الحقيقة بقول الإمام السجاد ـ عليه السلام ـ : «لا تنظر إلى الذنب ، ولكن أنظر إلى من عصيت» (١) ، فكيف وأنّ عدم الإيمان بالله أصل كلّ خطيئة وذنب؟!
إنّ عدم الإيمان جذر كلّ فساد وضلال وفاحشة وزيغ ، فمن كفر بالله أشرك به ، لأنّ من لا يؤمن بالله سيتبع غيره ويتألّه إليه بشرا أو حجرا أو هوى نفس ، ومن لم يؤمن بالله ضلّ ضلالا بعيدا ، لأنّه لم يتبع رسالته فتراه يتخبّط في ظلمات الباطل ، ومن كفر بالله أوغل في الفواحش بغير حساب حيث أنّ الإيمان هو الذي يحجز البشر عن الزيغ ويردعه عن المعاصي.
وقد وصف القرآن ربنا بالعظمة هنا لأمرين : أحدهما : لكي لا يظن أحدا بأنّه تعالى حينما يعذّب المجرمين بذلك العذاب الغليظ الذي وصف آنفا في الآيات (٣٠ ـ ٣٢) أو ما سيأتي بيانه في الآيات (٣٥ ـ ٣٦) فإنّه يظلمهم ، كلّا .. إنّ الجزاء يبقى أبدا أقل من الذنب ، الثاني : ربما لكي نهتدي إلى أنّ مشكلة الكثير من أصحاب الشمال وربما كلهم ليس محض الكفر بالله ، ولكنّ مشكلتهم عدم الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى ، كما قال تعالى : (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧٣ ص ١٥٤.