لتصح القراءة ولتثبت الهاء ، ثم ترى البعض قد أوجب الوقف معتبرا الهاء جزء من القرآن لا يجوز حذفه بالوصل عند القراءة ولا بغير ذلك.
٢ ـ وقال البعض : أنّها جعلت لنظم رؤوس الآي ، وذلك ممّا لا يليق نسبته لكلام الله عز وجل ، لأنّه كما تؤكّد الآية (٤١) «وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ» ، لأنّ الشاعر يعتبر القافية أصلا فإذا عجز من نظمها تخبّط في النحو والصرف ، والمعنى من أجل حفظها واحدة ، وحاشا لله أن لو أراد النظم أن تعجزه القوافي ، ثم من قال أنّ القرآن يلتزم بالقافية في سوره وآياته؟ فهذا قوله تعالى : (لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ* تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ* فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً* إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَنَراهُ قَرِيباً* يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ* وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ* وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (١).
٣ ـ والذي يبدو لي أنّ الهاء ليست زائدة حتى تحذف بالوصل في القراءة ، وأنّها لم توضع لنظم نهايات الآي ، وليست إضافتها خارجة عن لغة القرآن (العربية) التي أنزل بها ، ولقد أخطأ أولئك الذين حاولوا تقييم كلام الله بشعر العرب وكلامهم ، ويجب أن لا يدعونا عجزنا عن إدراك بعض المعاني القرآنية إلى افتراضات بعيدة ، على أنّ للصيغة (كتابيه ، حسابيه) إيحاء نفسيّا قد يبلغه الباحثون في يوم من الأيّام. وما يهمني التأكيد عليه أنّنا لم نؤت من العلم إلّا قليلا ، فالموقف السليم عند العجز عن فهم الآيات هو الاعتراف بالجهل والتواضع للحق لا الخوض فيما لا نعلم أو الطعن في كلام الله.
ونعود إلى الآيات الكريمة ، ونستمع إلى صفات أصحاب الشمال ، فما هي؟ الأولى : عدم الإيمان بالله.
__________________
(١) المعارج / ٢ ـ ١٠.