بأن يزعم البعض بأنّه يكتفي بالقرآن طاعة لله وبعدها لا داعي لطاعة أحد رسولا أو إماما أو عالما .. واللطيف أنّ هذا التعبير ورد في سياق سورة التغابن التي تعرّضت لإشكاليّة الفصل بين طاعة الله وطاعة رسوله حيث قال الكفّار : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) (الآية ٦) محاولة للفصل بين الطاعتين. ويحذّر الله من عصيانه ورسوله والتولّي لغيرهما إذ يقول :
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)
وكفى بهذه الآية تحذيرا للناس وتهديدا للكفّار.
[١٣] ولما انتقد القرآن موقف الكفر والتولّي من قبل الكفّار تجاه رسلهم لكونهم بشر أمثالهم ، وبالتالي التقليل من شأنهم وتبرير عصيانهم ، أكّد هنا في سياق أمره بطاعة الرسول (القائد الربّاني) وانطلاقا من منهجيته المتوازنة على حقيقة التوحيد كحدّ لتقديس الرسل والأولياء القادة ، فإنّه لا يجوز بحال من الأحوال اعتبارهم شركاء لله أو أنصاف آلهة ، كما صنع بعض النصارى واليهود بالنسبة لعيسى وعزير ـ عليه السلام ـ ، فالطاعة للقيادة والعبادة لله وحده.
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
وقد أكّد القرآن على ضرورة التوحيد والتوكّل في سياق أمره بطاعته وطاعة رسوله لأنّ هناك سببين يدعوان الإنسان للتخلف عن الطاعة لهما :
الأوّل : الشرك بالله سبحانه شركا مبدئيّا باتباع الأفكار والفلسفات الضالة ، أو عمليّا بالخضوع للإرادات الأخرى من دون الله لمجاراة الشهوات والمصالح ، أو اتباع الطواغيت والركوع إليهم. ولكي يسمو الإنسان إلى آفاق الطاعة والتسليم لله ولقيادة الحق يجب أوّلا أن يتطهّر من رواسب الشرك ، ويتخلّص من أغلاله ،