ثانيا : لبيان شمولية الهداية فهداية الله لقلب المؤمن تجعله خالصا من كلّ انحراف وضلالة ، فإنّ القلوب قد تكون مزيجا من الحقّ والباطل إلّا قلب المؤمن حيث يصفو للحقّ دون الباطل وللهدى دون الضلال ، أي أنّ الإيمان صنو لهداية القلب حيث يقوده إلى سائر الحقائق ، ويبصّره في جميع أبعاده وجوانب الحياة ، وكلّما زاد إيمان أحد زاد هدى قلبه.
[١٢] وأعظم مصيبة تصيب البشر هي التخلّف في الدنيا ودخول النار والتعرّض لسخط الله في الآخرة ، ولكي يتجنّبها الإنسان يجب أن يطيع الله ، ويتبع القيادة الشرعية ، ويعمل بمناهج الحق التي بلّغها الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفصّلها أئمة الهدى والعلماء الصالحون. وهكذا يوصل القرآن حقيقة الإيمان بالله وبالآخرة بحقيقة الإيمان بالرسول (القيادة الإلهية). ولقد مهّد السياق للحديث عن طاعة القيادة بما تضمّنته الآية السالفة من بيان عن المصاعب ، وانطوت عليه من دعوة للتسليم لله فيها ، لأنّ الطاعة لله واتباع القيادة الرسالية التي تنشد التغيير سوف يتسبب بلا شك في كثير من المشاكل والضغوط التي ينبغي تحدّيها بروح التسليم لله عزّ وجل ، ولكنّها تقضي على مشاكل أكبر بصورة جذرية.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)
ونقف هنا عند تعبير القرآن الكريم ، فهو تارة يقول : (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) وأخرى يقول : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) ، بإضافة فعل الأمر (أَطِيعُوا) ، كما في هذه الآية. أوليس العطف بالواو وحده كاف لتأدية نفس المعنى؟
والجواب : إنّ لكلا التعبيرين ظلاله الخاص في المعنى والنفس ، ولعل العطف بالواو وحدها يبيّن أنّ طاعة الرسول هي امتداد لطاعة الله ، بينما العطف بها مع الفعل : (أَطِيعُوا) يؤكّد استحالة الفصل بين طاعة الله وطاعة القيادة الرسالية ،