(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (١) وحقّ ما جاء في الرواية : «ما فتح الله على عبد بابا من أمر الدنيا إلا وفتح الله عليه من الحرص مثله» (٢) ، وفي الآية بصيرتان :
الأولى : إنّ المتتبع لكلمة الإنسان في استخدام القرآن يجدها ترد دائما عند الحديث عن الصفات السلبية فيه ، قال تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٣) (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ) (٤) (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٥) (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (٦) (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (٧) (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٨) .. وهكذا ترد الكلمة عند الحديث عن الصفات الذاتية للإنسان.
الثانية : إنّ المفسرين اختلفوا في معنى الخلق ، وجرى بينهم بحث كلامي وفلسفي حول صفة الهلع كيف خلقها الله وهي ذميمة أم هي صفة يوجدها الإنسان في شخصيته بنفسه؟ فصاحب التبيان أكّد كونها من فعله تعالى فقال : وإنّما جاز أن يخلق الإنسان على هذه الصفة المذمومة لأنّها تجري مجرى خلق شهوة القبيح ليجتنب المشتهى ، لأنّ المحنة في التكليف لا تتم إلّا بمنازعة النفس إلى القبيح ليجتنب على وجه الطاعة لله تعالى ، كما لا يتم إلّا بتعريف الحسن من القبيح في العقل ليجتنب
__________________
(١) العاديات / ٨.
(٢) أصول الكافي / ج ٢ ـ ص ٣١٩.
(٣) النساء / ٢٨.
(٤) هود / ٩.
(٥) إبراهيم / ٢٤.
(٦) الإسراء / ١١.
(٧) الكهف / ٥٤.
(٨) الأحزاب / ٧٢.