والسماء تكوينيا مظلمتين من دون نور وسراج ، كذلك لن يدع المجتمع البشري من دون إمام ونهج يهتدى بضوئه ، فلا غرابة اذن ان نجد بعض الروايات تأول القمر والشمس في أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ وكل امام حق .. قال أبو ذر ـ عليه السلام ـ : «ان أهل بيت النبوة فينا كالقمر الساري» (١)
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)
قال شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي : فالانبات إخراج النبات من الأرض حالا بعد حال ، والنبات هو الخارج بالنوى حالا بعد حال ، والتقدير في «أنبتكم نباتا» اي فنبتم نباتا ، لأن «أنبت» يدل على نبت من جهة انه متضمن له (٢) وعلق صاحب المجمع فقال : يعني مبدأ خلق آدم ، وآدم من الأرض والناس ولده ، وهذا كقوله : (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) وقيل : أنبت جميع الخلق باغتذاء ما تنبته الأرض ، وقيل معناه : أنبتكم من الأرض بالكبر بعد الصغر ، وبالطول بعد القصر (٣).
فالإنسان اذن ابن الأرض ، لا فرق بين آدم وبين كل فرد فرد من أبنائه ، فمع أنه ـ عليه السلام ـ خلق مباشرة من التراب إلّا أننا عند التحليل العلمي الواقعي نهتدي الى أن كل ذرأت الجسم أصلها الأرض.
(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها)
كما أنبتكم منها حيث يذوب البدن بالموت وتتحلل أعضاؤه في التراب.
__________________
(١) البرهان ج ٤ ص ٢٧٠
(٢) التبيان ج ١٠ ص ١٣٨
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٦٣