وذلك ليطمئن الإنسان بأنّه مهما جال ببصره وفتش في الوجود فإنها تهديه ايات الخلق الى ربه ، حيث آثار قدرته وحكمته ورحمته مطبوعة على كل جزء جزء فيه.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)
انها سبع سموات ولكنك لا تجد فيها فطورا ولا تناقضا ، انما هي منسجمة يكمل بعضها بعضا ، كما الأطوار في الخلق والناس ، والآية تهدينا إلى أن من بين المقصود بالسموات السبع تلك التي تظل الأقاليم السبعة وذلك بدلالتين ، الاولى : انه قال : (أَلَمْ تَرَوْا) مما يعني ان المقصود مما يراه الإنسان ويشاهده وذلك لا يمكن لو قصدت السموات التي تنقل بينها النبي (ص) في رحلة المعراج لأنها طبق فوق أخر وليس ظاهرا منها سوى الأولى.
والثانية : ان التعبير في الآية اللّاحقة جعل القمر نورا فيها كلها ، بينما أطلق سراجية الشمس ، لأن دور القمر محدود في أفاق الأرض فقط ، بينما دور الشمس يشمل كواكب وآفاقا أخرى فكلمة «فيهن» إذن إشارة الى سماوات الأقاليم وليست السموات التي بعضها فوق بعض حسب الظاهر ، إذ القمر في واحدة منهن وليس فيهن جميعا.
(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً)
وبهذه الآية كشف القرآن للبشرية جانبا من أسرار الكون في وقت ما كانت تحلم بالتطلع الى معرفة طبيعة الأرض فكيف بالاجرام التي حولها كالقمر والشمس؟ إن القمر يختلف عن الشمس في خلقته ودوره ، فبينما خلقت من كتل النيران حتى توفر الطّاقة الحرارية ، والإضاءة فيها ذاتية ، نجد القمر كالمرآة التي تعكس أشعة الضوء الساقطة من الشمس ، وكما أنه تعالى لم يترك الأرض