(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً)
ولهذه الكلمة معان من بينها :
١ ـ المراحل التي يمر بها الإنسان في خلقه ، حيث يبدأ نطفة ثم علقة ثم مضغة ... وهكذا ، حتى يصير شيخا كبيرا ، وان خضوع البشر الحتمي لهذه الأطوار دليل أكيد على أنه لا يملك أمر نفسه في كل شيء ؛ إنما حياته محكومة بالقانون والنظام ، الذي يهديه الى المقنن والمنظم ، كما يدله على الحساب والجزاء ، حيث أن الإخراج من الأرض كما أطوار الخلق حقيقة لا يمكن لأحد أن يرفضها أو يدعي القدرة على مقاومتها.
٢ ـ التنوع البشري الذي يؤدي الى التكامل ، فقد خلق الله الناس مختلفين في مواهبهم وقدراتهم وتوجهاتهم ، مما يكامل مسيرتهم في الحياة ، فلم يخلقهم كلهم أمراء ولا أطباء. وذلك من عظيم نعم الله ، وإلا أصبحت الحياة قسرية ، وذات لون واحد مما يؤدي الى فشلها قال تعالى : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (١) (سخريّا : أي سخرة) ، وثابت بالتجربة أن النظريات القسرية نظريات خاطئة فاشلة ، فقد خطط ماوتسي تونغ وسعى لجعل المجتمع الصيني على نمط واحد ، وغفل عن أن المجتمع بحاجة الى التنوع لكي يتقدم ويتطور ، ولذلك وجدنا كيف ان من خلفه خطّأه وخطّط للتغيير. قال الامام الباقر (ع) في معنى الأطوار : «وقد خلقكم على اختلاف الأهواء والإرادات والمشيئات» (٢).
[١٥ ـ ٢٠] وينطلق السياق بنا يعرفنا ببعض نعم الله ومننه علينا في الآفاق ،
__________________
(١) الزخرف / ٣٢
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٨٧