[١٣ ـ ١٤] ويخاطب نوح قومه بلغة الوجدان ، مذكّرا بنعم الله وآياته لعلهم يعودون الى فطرتهم ، فيعبدون الله ويتقونه ، ويطيعونه بدل الطاعة للمترفين.
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً)
قال ابن عباس : الوقار هو الثبات ، من وقر إذا ثبت واستقر ، ومنه قوله : «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ» فوقاره تعالى ثبوته واستقراره في الربوبية ، المستتبع لألوهيته ومعبوديته (١) وقيل : المعنى ما لكم لا توحدون الله تعالى ؛ لأن من عظّمه فقد وحده ، وعن الحسن : ما لكم لا تعرفون لله حقّا ، ولا تشكرون له نعمة (٢) وقد ذهب أكثر المفسرين الى القول بالعظمة ، ويبدو أننا نهتدي الى معنى الآية لو قارناها بقول الله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (٣) فان توقير الله بحق هو معرفة قدره بمعرفة أسمائه وصفاته الحسنى ، والعيش في الحياة على ضوء هذه المعرفة ، وذلك لا يمكن الا بعبادته وتقواه واتباع رسله ورسالاته.
وتكشف لنا الآية عن مدى الضلال المتورط فيه أولئك القوم ، ونستوحي ذلك من كلمة (لا تَرْجُونَ) إذ تبيّن أنهم ليس لا يوقرون ربهم وحسب ، بل لا يرجون أن يوقره الآخرون ، ولا أن يأتي يوم يوقرونه في أنفسهم ، فليس ثمة ولا بصيص نور في فكرهم يمكن أن يوقروا ربهم به في المستقبل.
ثم يذكر نوح بعض الآيات والنعم الإلهية الهادية إلى الايمان بالله والتسليم ، ومن ثم توقيره لو أن الإنسان توجه إليها وأراد شكرها ، وأولها خلق الإنسان ونظام خلقته.
__________________
(١) تفسير البصائر ج ٤٩ ص ٢٠١
(٢) راجع المصدر فقد أورد (١٥) رأيا في الآية
(٣) الانعام ٩١