وتحدّثنا آياته بلسانهم : (الآيات ١ ـ ١٤).
والذي يدقّق النظر في آيات هذه السورة يهتدي إلى وجوه تشابه أساسية بين حضارتهم وحضارة البشر :
١ / فهم مخلوقون مكلّفون من قبل الله بالإذعان للحق ، واتباع رسالته المتمثلة في القرآن.
٢ / وإنّ واقعهم الاجتماعي والسياسي يشبه إلى حدّ بعيد واقع المجتمع البشري ، ففيهم الزعماء الذين يتسلّطون على المجتمع ويشطّون طغيانا وسفها .. كطواغيت الناس وحكّامهم الفاسدين.
٣ / كما أنّهم يقعون في ذات الأخطاء التي يتورّط فيها ضلّال الناس كالشرك بالله عز وجل.
٤ / وبالتالي فإنّ فيهم الصالحين ودون ذلك والمسلمين والقاسطين كما هو حال البشر.
وفي البين يشير القرآن إلى أنّ الالتقاء بين حضارتي الإنس والجن القائم على الشرك بالله وزيادة الانحراف والرهق فإنّه منبوذ ومحرّم في شرع الله .. ومنه استعاذة السحرة والمشعوذين بالجن ، مما يزيدهم بعدا عن الحقّ وتوغّلا في الباطل.
ويفضح الوحي مجموعة التخرصات والخرافات التي صوّرت الجنّ قوى خارقة ، ورفعتهم إلى مستوى الربوبية ، ممّا دعا بعض جهّال الناس لعبادتهم والشرك بهم ، فيؤكّد :
أولا : أنّهم لا يحوزون على العلم الحقّ المطلق ، فلا يصح الاعتماد على ما يلقونه