ثم يعود القرآن ليضع الميزان الحق في شأن النفقة ، فهو كما يوجبها على الرجل حقّا للمرأة ، لا يسمح من جهة أخرى للزوجة استغلال هذا الحق لتطالب زوجها عند قراره بالطلاق نفقة أكثر ممّا يتحمل تشفّيا منه ، فليس أحد مكلّفا في شرع الله أكبر وأكثر مما يستطيع.
وينتهي السياق القرآني الذي يتمحور حول التقوى في هذه السورة ليحذّر من مخالفة شرائع الله وحدوده بصورة عامة وفي حق الأسرة بالذات ، مشيرا إلى أنّ الأسرة لا تختلف في ظلّ سننه عن المجتمع الكبير الذي لو تجاوز الحدود فإنّ عاقبته الخسارة والدمار كما ينطق بذلك تاريخ الحضارات التي دمّرت فأصبحت عبرا وأحاديث.
ولأن المؤمنين أولى بدراسة التاريخ من غيرهم فإنّ الخطاب يتوجه إليهم خاصة لكي يخرجوا بذلك إلى النور ، ويختم السورة بالإشارة إلى الحكمة من خلق الإنسان والعالم المسخّر له ألا وهي أن يتعرّف الله لعباده عبر آياته المبثوثة في النفس وفي الآفاق لعلّهم يخلصون من ظلمات الضلال والشرك.
بينات من الآيات :
[٦] لكي لا يظلم المرء زوجته التي عافتها نفسه ، ومشى الشيطان بينهما بألف عقدة وعقدة ، يأمر القرآن بأن يختار لها زوجها سكنا مناسبا لوضعهم الاجتماعي بلا تميّز.
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
والوجد : ما يجده الإنسان ويقدر عليه ، وفي المنجد : أنا واجد للشيء أي قادر عليه. والوجد القدرة ، يقال أنا واجد الشيء أي قادر عليه. والآية تحدّثنا عن نوع