مدينة الخضر : وهي الآن خراب. وكانت مدينة عظيمة في قديم الزمان وكان اسم صاحبها الساطرون ، فحاصرها سابور (١٨٩) بن أردشير بن بابك أربع سنين فلم يقدر عليها ، وكانت مركبة على قناطر يدخل الماء من تحتها ، وكان لساطرون ابنة جميلة في غاية الجمال بحيث إذا نظرها أحد حصل في عقله خبل وخلل ، وكان اسمها نضيرة. وكانت عادة الروم إذا حاضت المرأة عندهم أنزلوها إلى ربض المدينة ، فحاضت ابنة الساطرون فأنزلوها إلى الربض وسابور المذكور محاصر المدينة وهو راكب في جيشه دائر من خارج المدينة فرأت نضيرة بنة الساطرون سابور وهو في غاية الحسن فأحبته لأول نظرة ، فأرسلت إليه تقول : إن أنا أخذت لك المدينة وأرحتك من العناء أتتزوج بي؟ فقال سابور : نعم ، قالت : فخذ حمامة زرقاء فاخضب رجليها بحيض جارية زرقاء بكر وأطلقها ، فإنها تطير وتحط على السور فيسقط في الحال وتأخذ المدينة. ففعل سابور ذلك الأمر كما قالت نضيرة. فدخل المدينة وأخذها وهدم ما بقي من سورها وقتل الساطرون وسبى وغنم وتزوج نضيرة ، فنامت عنده ليلة وهي تميل طول الليل إلى الصباح ، فنظر سابور فإذا في الفراش ورقة آس فقال لها : كل هذا التميل من هذه الورقة؟ قالت نعم. قال : فما كان أبوك يطعمك؟ قالت كان يطعمني مخ العظم وشهد أبكار النحل والزبد ويسقيني الخمر المصفى أربعين مرة فقال : أهذا كان جزاؤه منك ، ثم أمر بها فربطت بين فرسين جموحين ، فضرباها حتى تمزقت أعضاؤها. وأما جزيرة العرب : فهي ما بين نجران والعذيب.
__________________
(١٨٩) سابور : يذكر ابن الأثير" ولما هلك أردشير بن بابك قام بالملك بعده ابنه سابور قيل : إنه حاصر الروم بنصيبين وفيها جمع من الروم مدة ثم أتاه من ناحية خراسان من احتاج إلى مشاهدته فسار إليها وأحكم أمرها ثم عاد إلى نصيبين فزعموا أن سورها تصدع وانفرجت منه فرجة دخل منها وقتل وسبى وغنم وتجاوزها إلى بلاد الشام فافتتح من مدائنها مدنا كثيرة وحاصر ملكا للروم بإنطاكية فأسره وحمله وجماعة كثيرة معه فأسكنهم مدينة جنديسابور.