أرض الجزيرة (١٨٧) : وهي جزيرة ابن عمر ، وتشتمل على ديار ربيعة ومضر ، وتسمى ديار بكر ، وهي ما بين دجلة والفرات وكلها تسمى بالجزيرة ، وبها مدن وقرى عامرة. وأكثر أهلها نصارى وخوارج. ومن مدنها المشهورة الموصل وهي قاعدة بلاد الجزيرة ، وهي مدينة كبيرة صحية الهواء طيبة الثرى ، ولها نهر حسن عميق في عمق ستين ذراعا. وبساتينها قليلة إلا أن لها ضياعا ومزارع ورساتيق ممتدة ، وكورها كثيرة وهي المدينة التي بعث إليها يونس عليه السلام وهي غربي دجلة.
الرها (١٨٨) : مدينة عظيمة قديمة واسعة الأقطار ، وكانت عامرة الدير ، وتتصل بأرض حران. والغالب على أهلها دين النصرانية ، وبها من الكنائس ما يزيد على مائتي كنيسة ودير ، ولم يكن للنصارى أعظم منها. وكان بكنيستها العظمى منديل المسيح الذي مسح به وجهه فأثرت فيه صورته فأرسل ملك الروم إلى الخليفة رسولا وطلبه منه وبذل فيه أسارى كثيرة فأخذه وأطلق الأسارى.
__________________
(١٨٧) جزيرة ابن عمر بلدة فوق الموصل بينهما ثلاثة أيام ولها رستاق مخضب واسع الخيرات ، وأحسب أن أول من عمرها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي ، وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ثم عمل هناك خندق أجرى فيه الماء فأحاط بها الماء من جميع جوانبها ، ويقال في النسبة إليها : جزري (معجم البلدان).
(١٨٨) الرها : مدينة بين الموصل والشام : وكانت" الرها" أولى الإمارات الصليبية التي تأسست في الشرق إبان الحملة الصليبية الأولى وواحدة من أهم الإمارات الصليبية في المشرق ، وذلك لقوة تحصينها ، وقربها من" العراق" التي تمثل مركز الخلافة الإسلامية ، ونظرا لما تسببه من تهديدات وأخطار للمناطق الإسلامية المجاورة لها وكانت أول الامارات التي استولى عليها الصليبيون وأول الامارات التي استردها عماد الدين زنكي منهم ٥٣٩ ه / ١١٤٤ م.