وأما أصحاب أهل الكهف : فهم في كهف في رستاق بين عمورية (٢٨٧) ونيقية (٢٨٨) ، وهم في جبل عال علوه نحو ألف ذراع ، وله سرب من وجه الأرض كالمدرج يتعدى إلى الموضع الذي هم فيه. وفي أعلى الجبل كهف يشبه البئر ينزل منه إلى باب السرب ويمشى مقدار ثلاثمائة خطوة ، ثم يفضى إلى ضوء هناك فيه رواق على أساطين منقورة فيها عدة بيوت ، منها بيت مرتفع العتبة مقدار قامة ، وعليه باب من حجر ، وفيه أصحاب الكهف وهم سبعة نيام على جنوبهم ، وأجسامهم مطلية بالصبر والكافور ، وعند أرجلهم كلب راقد مستدير ، رأسه عند ذنبه ، ولم يبق منه إلا رأسه وعجزه. وفقار الظهور ، ووهم أهل الأندلس في أصحاب الكهف حيث زعموا أنهم الشهداء الذين في مدينة لوشة ، قال بعض الثقات : لقد رأيت القوم وكلبهم في هذا الكهف بين عمورية ونيقية سنة عشر وخمسمائة.
__________________
(٢٨٧) وكانت عمورية مدينة عظيمة للروم في هضبة الأناضول وسط تركية ، فتحها الخليفة المعتصم سنة ٢٢٣ وفتح أنقرة ، وكان فتحها من أعظم الفتوح الإسلامية ، وكان سببه أن امرأة علوية أسرها الروم فأذلوها فنادت : " وامعتصماه". فجاء من أخبر المعتصم بذلك ، فقال : أنت سمعتها؟ قال : نعم. فأمر بالجيش فجهز فكان النصر. وكان المنجمون يقولون : إن عمورية لم يحن وقت فتحها ، فلما فتحها المسلمون قال أبو تمام :
السيف أصدق إنباء من الكتب |
|
في حده الحد بين الجد واللعب |
ولم يبق اليوم من عمورية سوى آثار ، وذكر خالد في التاريخ.
(٢٨٨) نيقيةNicaea : مدينة قديمة في آسيا الصغرى ، تقع على بعد ثلاثين ميلا جنوب حصن الغبراء الواقعة على خليج بسفور القسطنطينية من أهم بلاد العثمانيين التي أخذها السلطان أورخان من الروم.هي اليوم إزنيق في تركيا على بحيرة إزنيق