والخزخيزية والتغزغزية والكيماكية والجاجانية والأدكش والتركش والخفشاخ والجليخ والغز والبلغار ، وأمم عظيمة يطول ذكرها ، وسد على المفسدين. وكل المفسدين قصار القدود لا يتجاوز أحدهم ثلاثة أشبار ، ووجوههم في غاية الاستدارة وعليهم شعور مثل الزغب وآذانهم مستديرة مسترخية ، تلحق أذن الرجل منهم طرف منكبيه. وألوانهم بيض وحمر وكلامهم صفير وفيهم زنا فاحش ، وبلادهم ذات أشجار ومياه وثمار وخصب كثير ومواش كثيرة إلا أنها بلاد ثلج ومطر وبرد على الدوام. حكي عن سلام الترجمان (٢٩٨) ، وكان عارفا بألسن كثيرة حتى قيل : إنه كان يعرف أربعين لغة ويجاري فيها ، أنه رأى هذا السد عيانا وذلك أن أمير المؤمنين الواثق بالله (٢٩٩) من خلفاء بني العباس بعثه إليه ليراه ويتحقق كيفيته
__________________
(٢٩٨) رحلة سلام الترجمان : من أشهر السفارات التي خرجت بأمر الخليفة الواثق سفارة" سلام الترجمان" إلى الصين للتأكد من أن السد الذى بناه ذو القرنين لما يزل على حاله ، ويبدو أن حديثها كان منتشرا ومشهورا فى العصور الوسطى. والمعلومات المتوفرة عن" سلام" قليلة ، ولا تتعدى أن تكون نتفا نقلها لاحق عن سابق ، فابن خرداذبه ـ وهو أوثق مصادرها ـ ينقل تفاصيل رحلته فى نص موثق ، ويقدم له بقوله : " حدثنى سلام الترجمان أن الواثق بالله لما رأى فى منامه كأن السد الذى بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج قد انفتح ، فطلب رجلا يخرجه إلى الموضع فيستخبر خبره ، فقال" أشناس" : " ماها هنا أحد يصلح إلا سلام الترجمان ، وكان يتكلم بثلاثين لسانا". وهذه الثلاثون لسانا قابلة للزيادة عند غير ابن خرداذبه ، فقد" حكى عن سلام الترجمان ـ وكان عارفا بألسن كثيرة ، حتى قيل : إنه كان يعرف أربعين لغة ويجارى فيها ـ أنه رأى السد عيانا" وادعى" ابن رسته" فى الأعلاق النفيسة أن ابن خرداذبه قال : " حدثنى سلام الترجمان ـ وكان يترجم كتب الترك التى ترد على السلطان الواثق بالله قال". والواضح أن علاقته بالواثق كانت قوية إلى درجة مكنته من الفوز بثقته ، كما كان يتمتع بميزات عديدة أهمها الشباب والقوة الجسدية والذكاء والأمانة ، وكان شبابه وقوته الجسدية من أسباب عودته موفور الصحة بعد الرحلة الشاقة (أنظر ملحق رقم (٦).
(٢٩٩) هو هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد (٢٣٢ ه / ٨٤٧) هو ثامن خلفاء العباسيين في العراق. ولد في بغداد سنة ٢٠٠ ه وولي الخلافة بعد وفاة أبيه المعتصم سنة ٢٢٧ ه. أحسن الواثق لأهل الحرمين حتى قيل إنه لم يوجد بالحرمين في أيامه سائل أي فقير. كان مشجعا للعلماء محبا