فسار الإسكندر إلى المدينة وأمر بالثورين فسلخا وحشا جلودهما زفتا وكبريتا وزرنيخا وكلسا ونفطا (٣٠٩) وزئبقا ، وجعل مع ذلك كلاليب (٣١٠) من حديد وأقامهما في المكان المعهود ، فجاء التنين من الغد إليهما على العادة فابتلعها ، فأضرمت النار في جوفه وتعلقت الكلاليب بأحشائه ، وسرى الزئبق في جسده ورجع مضطربا إلى مقره. فانتظروه من الغد فلم يأت ولم يخرج ، فذهبوا إليه فإذا هو ميت وقد فتح فاه كأوسع قنطرة وأعلاها. ففرحوا وشكروا سعي الإسكندر إليهم وحملوا إليه هدايا عجيبة منها دابة عجيبة يقال لها المعراج مثل الأرنب ، أصفر اللون وعلى رأسه قرن واحد أسود لم يرها شيء من السباع الضواري والوحوش الكاسرة إلا هرب منها.
جزيرة قلهات : وهي جزيرة كبيرة وبها خلق مثل خلق الإنسان ، إلا أن وجوههم وجوه الدواب يغوصون في البحر فيخرجون ما يقدرون عليه من الدواب البحرية فيأكلونها.
جزيرة الأخوين الساحرين : أحدهما شرهام والآخر شبرام ، وكانا بهذه الجزيرة يقطعان الطريق على التجار ، فمسخا حجرين قائمين في البحر ، وعمرت الجزيرة بعدهما.
جزيرة الطيور : ويقال إن فيها جنسا من الطيور في هيئة العقبان ، حمر ذوات مخاليب تصيد دواب البحر. وبهذه الجزيرة ثمر يشبه التين ، أكله ينفع من جميع السموم. حكى الجواليقي أن ملكا من ملوك فرنجة أخبر بذلك فوجه إليها مركبا ليجلب له من ذلك الثمر ويصاد له من تلك الطيور ، لأنه كان عالما بمنافع تلك
__________________
(٣٠٩) النفط : البترول حاليا.
(٣١٠) الكلاليب : الخطاطيف ، جمع كلاب (مختار الصحاح مادة (كلب).