الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في كتابه المسمى بكتاب الحيوان ، وكان قد وصل إليه رجل من أهل الغرب ممن سافر إلى الصين وأقام به وبجزائره مدة طويلة وحضر بأموال عظيمة وأحضر معه قصبة ريشة من جناح فرخ الرخ وهو في البيضة لم يخرج منها للوجود ، فكانت تلك القصبة من ريش ذلك الفرخ تسع قربة ماء ، وكان الناس يتعجبون لذلك ، وكان هذا الرجل يعرف بالصيني لكثرة اقامته هناك ، واسمه عبد الرحمن المغربي وكان يحدث بالغرائب ، منها ما ذكر أنه سافر في بحر الصين فألقتهم الريح في جزيرة عظيمة كبيرة واسعة فخرج إليها أهل السفينة ليأخذوا الماء والحطب ومعهم القوس والحبال والقرب وهو معهم ، فرأوا في الجزيرة قبة عظيمة بيضاء لماعة براقة أعلى من مائة ذراع ، فقصدوها ودنوا منها فإذا هي بيضة الرخ فجعلوا يضربونها بالقوس والصخور والخشب حتى انشقت عن فرخ الرخ كأنه جبل راسخ فتعلقوا بريشة من جناحه ولم تكمل خلقة الريشة فقتلوه.
قال : وحملوا ما أمكنهم من لحمه وقطعوا أصل الريش من حد القصبة ورحلوا.وكان بعض من دخل الجزيرة قد طبخ من اللحم وأكل ، وكان فيهم مشايخ بيض اللحى فلما أصبح المشايخ وجدوا لحاهم قد اسودت ولم يشب بعد ذلك أحد من القوم الذين أكلوا فكانوا يقولون إن العود الذي حركوا به ما في القدر من لحم فرخ الرخ كان من شجرة الشباب والله أعلم.
قال : فلما طلعت الشمس والقوم في السفينة وهي سائرة بهم إذ أقبل الرخ يهوي كالسحابة العظيمة ، وفي رجليه قطعة جبل كالبيت العظيم وأكبر من السفينة ، فلما حاذى السفينة من الجو ألقى ذلك الحجر عليها وعلى من بها ، وكانت السفينة مسرعة في الجري فسبقت الحجر فوقع الحجر في البحر ، وكان لوقوعه هول عظيم في البحر ، وكتب الله لنا السلامة ونجانا من الهلاك.