وهذا أيضا لا أقدر عليه. قالوا : فعرفنا بقية أعمارنا. فقال الاسكندر : لا أعرف ذلك لنفسي فكيف بكم؟ فقالوا له : فدعنا نطلب ذلك ممن يقدر على ذلك وأعظم من ذلك ، وهو ربنا وربك ورب العالمين.
وجعل الناس ينظرون إلى كثرة جنود الاسكندر وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك لا يرفع رأسه فقال له الإسكندر : مالك لا تنظر إلى ما ينظر إليه الناس؟ قال الشيخ : ما أعجبني الملك الذي رأيته قبلك حتى أنظر إليك وإلى ملكك. فقال الإسكندر : وما ذاك؟ قال الشيخ : كان عندنا ملك وآخر صعلوك فماتا في يوم واحد ، فغبت عنهما مدة ثم جئت إليها واجتهدت أن أعرف الملك من المسكين فلم أعرفه.قال : فتركهم الاسكندر وانصرف عنهم.
وأما عجائب هذا البحر : فمنها ما ذكره صاحب عجائب الأخبار أن في هذا البحر طائرا مكرما لأبويه ، فإنهما إذا كبرا وعجزا عن القيام بأمر أنفسهما يجتمع عليهما فرخان من أفراخهما فيحملانهما على ظهورهما إلى مكان حصين ويبنيان لهما عشا وطينا ويتعهدانهما بالزاد والماء إلى أن يموتا ؛ فإن ماتا الفرخان قبلهما يأتي إليهما آخران من أفراخهما ويفعلان بهما كما فعل الأوان وهلم جرا ؛ هذا دأبهما إلى أن يموت والدهما.
وفيه سمكة : يقال لها الدفين ولها رأس مربع وفم كالقمع لا تفتحه يقولون إذا أكل المجذوم من لحمها مطبوخا برئ من الجذام. وفيه سمكة : وجهها كوجه الإنسان وبدنها كبدن السمك تظهر على وجهه الماء شهرا وتغيب شهرا.
وسمكة : تطفو على وجه الماء فإذا رأت سمكة أو حيوانا من دواب البحر قد فتح فاه تدخل في فيه وتصير غذاء له.