الجساسة ؛ قلنا لها : أخبرينا الخبر ؛ قالت : إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير فإن به رجلا هو بالشوق إليكم ؛ فأتيناه فقال لنا : كيف وصلتم؟ فأخبرناه الخبر ؛ فقال : ما فعلت طبرية ؛ قلنا : تدفق الماء بين أجوافها ؛ قال : فما فعلت نخلات عمان؟ قلنا : يجنيها أهلها : قال : فما فعلت عين زغر؟ قلنا : يشرب منها أهلها ، فقال : لو نفدت لتخلصت من وثاقي فوطئت بقدمي هذا كل سهل وجبل إلا مكة والمدينة.
وبعضهم يزعم أنه ابن صياد ، الذي كان بمكة ، وكان يقال ذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره. قال ابن سعيد : صحبت ابن صياد من مكة ، قال : ماذا لقيت من الناس؟ يزعمون أني الدجال ، ألم يقل نبي الله إنه يهودي ، وقد أسلمت ، وقال إنه لا يولد له ، وقد ولد لي ، وقال : إن الله حرم عيه المدينة ومكة ، وقد ولدت بالمدينة وحججت إلى حرم مكة ، ثم قال في آخر قوله : والله إني أعرف أين هو الآن وأعرف أباه وأمه. وقيل له يوما : أيسرك لو كنت ذاك؟ فقال : لو عرض لي لما كرهته.
وقال نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما : لقيت ابن صياد في بعض طرق المدينة ، فقلت له قولا أغضبته ، فانتفخ حتى ملأ الطريق ، ثم دخلت بعد ذلك على حفصة (٣٣٥) زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بلغها الخبر فقالت : يرحمك الله ما أردت من ابن صياد؟ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما يخرج من غضبة يغضبها.
__________________
(٣٣٥) حفصة : هي بنت عمر ، أم المؤمنين ، والزوجة الرابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، أمها زينب بنت مظعون ، توفيت سنة ٤١ ه ، وهي التي حافظت على نسخة القرآن التي جمعت في عهد أبي بكر (أنساب الأشراف (١ / ٢١٤) ، الجوهرة (٢ / ٦٤) ، معجم أعلام القرآن (ص ٢١٧).