سمكة عظيمة فجذبوها بالكلاليب والحبال ، فانتفخت أذن السمكة فخرج منها جارية بيضاء حمراء طويلة الشعر ، سوداؤه ، حسنة الصورة طويلة القامة كأنها القمر البدر ، وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح ، وفي وسطها غشاء لحمي كالثوب الضيف من سرتها إلى ركبتها كأنه إزار (٣٤٦) مشدود عليها. فما زالت كذلك حتى ماتت.
ومنها التنين (٣٤٧) : ذكروا أنه يرتفع من هذا البحر تنين عظيم يشبه السحاب الأسود وينظر إليه الناس. وزعموا أنها دابة عظيمة في البحر تؤذي دوابه فيبعث الله عليها سحابا من سحب قدرته فيحملها ويخرجها من البحر. وهي صفة حية سوداء لا يمر ذنبها على شيء من الأبنية العظام إلا سحقته وهدمته ، ولا من الأشجار إلا هدتها. وربما تنفست فاحترقت الأشجار والنبات.
قال : فيلقيها السحاب في الجزائر التي بها يأجوج ومأجوج فتكون لهم غذاء.وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما هذا القول.
وحكي أن الإسكندر لما أن فرغ من السد وأحكمه سر بذلك سرورا عظيما ، وأمر بسرير فنصب له على السد فرقي عليه وحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : يا رب الأرباب ومسهل الصعاب ، أنت ألهمتني بسد هذا المكان صونا للبلاد وراحة للعباد وقمعا لهذا العدو المطبوع على الفساد ، فأحسن لي المثوبة في يوم المعاد ، ورد غربتي
__________________
(٣٤٦) الإزار : أزر به الشيء : أحاط ، والإزار : الملحفة ، يذكّر ويؤنّث ؛ والإزارة : الإزار ، والإزر والمئرز والمئزرة : الإزار.
(٣٤٧) التنين : حيوان بحري عظيم ويقال انه اسطوري يجمع بين الزواحف والطير ويزعمون أن له مخالب أسد وأجنحة نسر وذنب أفعى (حاشية رقم ١ ، عجائب المخلوقات ، ص ١٣٠).