وفرحا ؛ فقال الرجل : لم تفرحان؟ قالا : قد قرب فرجنا فإن محمدا نبي الساعة وقد قربت. قال لهما : أريد أن أتعلم السحر ، قالا له : اتق الله ولا تكفر. قال : لا بد من ذلك. فعاوداه ثلاثا فلم يرجع فقالا له : امض إلى ذلك النور فبل فيه. قال ففعل ، فخرج منه نور حتى صعد إلى السماء ونزل دخان أسود فدخل في فيه فقالا له : فعلت؟ قال : نعم ، قالا : فما رأيت؟ فأخبرهما فقال أحدهما : النور الذي خرج منك هو نور الإيمان ، وقال الآخر : الدخان الذي دخل فيك هو ظلمة الكفر ، اذهب فقد علمت.
وحكي أن امرأة جاءت إلى عائشة (٣٧٠) رضي الله عنها باكية تطلب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده ، فقالت لها عائشة : مم تبكين ، وما الذي تريدين منه؟ فقالت : أريد أن أسأله عن شيء في السحر. فقالت : وما هو؟ قالت : إن زوجي سافر وغاب عني مدة طويلة فجاءت امرأة إلي وقالت : أتريدين مجيئه؟ قلت : نعم ، قالت : فاعملي بما أقول لك ، قالت : نعم. فغابت وأتتني بكبشين (٣٧١) عند العشاء أسودين ، فركبت واحدا وأركبتني الآخر. فلم نلبث إلا قليلا حتى دخلنا على هاروت وماروت فقالت لهما : إن هذه المرأة تريد أن تتعلم السحر. فقالا لها : اتقي الله ولا تكفري وارجعي. فأبيت وقلت. لا بد من ذلك ، فأعادا علي ثلاثا ، فأبيت وقلت : لا بد من ذلك. فقالا : اذهبي فبولي في ذلك التنور قالت : فذهبت ووقفت على التنور
__________________
(٣٧٠) عائشة رضي الله عنها (٩ ق ه ـ ٥٨ ه) هي عائشة الصديقة بنت أبي بكر الصديق عبد الله ابن عثمان. أم المؤمنين ، وأفقه نساء المسلمين. كانت أديبة عالمة. كنيت بأم عبد الله. لها خطب ومواقف. وكان أكابر الصحابة يراجعونها في أمور الدين. وكان مسروق إذا روى عنها يقول : حدثتني الصديقة بنت الصديق. نقمت على عثمان رضي الله عنه في خلافته أشياء ، ثم لما قتل غضبت لمقتله. وخرجت على علي رضي الله عنه ، وكان موقفها المعروف يوم الجمل ثم رجعت عن ذلك ، وردها علي إلى بيتها معززة مكرمة. [الإصابة ٤ / ٣٥٩ ؛ وأعلام النساء ٢ / ٧٦٠ ؛ ومنهاج السنة ٢ / ١٨٢ ـ ١٩٨].
(٣٧١) الكبش : هو فحل الضأن ، الجمع أكبش وأكباش (المعجم الوسيط ، ج ٢ ، مادة كبش ، ص ٨٠٥)