بئر زمزم (٣٨٠) : لما ترك إبراهيم الخليل عليه السلام إسماعيل وهاجر بموضع الكعبة وانصرف ، والقصة مشهورة ، قالت له هاجر : يا إبراهيم الله أمرك أن تتركنا في هذه البرية الحارة وتنصرف عنا؟ قال : نعم. قالت : حسبنا الله إذا فلا نضيع.فأقامت عند ولدها حتى نفد ماء الركوة. فبقي إسماعيل يتلظى من العطش. فتركته وارتقت الصفا تلتمس غوثا أو ماء فلم تر شيئا ، فبكت ودعت هناك واستسقت ثم نزلت حتى أتت المروة وتشوفت ودعت مثل ما دعت بالصفا ، ثم سمعت أصوات السباع فخافت على ولدها فسعت إليه بسرعة فوجدته يفحص برجليه الأرض وقد انفجر من تحت عقبه الماء ، فلما رأت هاجر الماء حوطت عليه بالتراب من خوفها أن يسيل. فلو لم تفعل ذلك لكان الماء جاريا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت زمزم لكانت عينا جارية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له. ولكم أبرأ الله به من مرض عجزت عنه حذاق الأطباء.
قال محمد بن أحمد الهمداني : كان ذرع زمزم من أعلاه إلى أسفله أربعين ذراعا ، وفي قعرها عيون غير واحدة ، عين حذاء الركن الأسود ، وعين حذاء أبي قبيس والصفا ، وعين حذاء المروة. ثم قل ماؤها في سنة أربع وعشرين ومائتين فحفر فيها محمد بن الضحاك تسعة أذرع فزاد ماؤها ، وأول من فرش أرضها بالرخام المنصور ثاني الخلفاء العباسيين.
__________________
(٣٨٠) بئر زمزم : يقع بالصحن المكشوف للمسجد الحرام والى الجنوب الشرقي من الكعبة المشرفة ، قبال الحجر الاسود وزمزم في اللغة تعني الماء الغزير ويقال زمزم الرجل الماء أي شربه جرعة جرعة (القاموس ج ٣ ، ص ٨١).